أكثر من قرن في خدمة العلم والدين

وقد نالت ندوة العلماء شهرة عالمية وأحرزت تقدمًا هائلاً في سائر المجالات في عهد سماحة الشيخ السيد أبي الحسن على الحسني الندوي، فانتشرت فروعها في عرض البلاد وطولها، وتصاعد الإقبال عليها، وقد أجرى الشيخ الندوي تعديلات في منهج ندوة العلماء، باعتبار الموضوعات، وباعتبار الكتب الدراسية، وأفسح المجال للكتب التي ألفت بأسلوب معاصر في الموضوعات الشائعة كالنحو والصرف والبلاغة والأدب وتاريخ الأدب والنقد، بالإضافة إلى كتب العلوم النقلية، وفي عهده فتح المعهد العالي للدعوة والفكر الإسلامي، لتوعية المتخرجين بالقضايا المعاصرة، وتأهيلهم للقيام بعمل الدعوة، كما فتحت شعبة الإعلام، وكان ذلك تجربة جديدة في نظام التعليم الديني في الهند، اتبعتها المدارس الدينية، وبدأ الاهتمام بالدعوة والإعلام

وبعد وفاته في 31/ ديسمبر 1999م تولى رئاسة ندوة العلماء فضيلة الشيخ السيد محمد الرابع الحنسي الندوي الذي كان مديرًا لدار العلوم ونائب الرئيس في عهده، فسار على خطى سماحة الشيخ الندوي في التأليف، والتدريس، والدعوة والإرشاد، وأسهم في المجهودات الرامية إلى جمع كلمة المسلمين، والنصح للقيادات السياسية بحكمة

وقد مضى على إنشاء ندوة العلماء أكثر من قرن، والحمد لله على ذلك، وقدمت ندوة العلماء خلال هذه المدة الطويلة خدمات علمية جليلة، ومنجزات عظيمة في مختلف مجالات الحياة، إنها نجحت في إزالة التنافر والتباعد بين المتمسكين بالمنهج القديم والعاضين عليه، والمثقفين العصريين والمنكرين للقديم، ووقف خريجو ندوة العلماء وسطًا بين هذين الطرفين، وكانوا سبب تقاربهم وتعارفهم، وأثبتوا أنهم لا يعيشون في عزلة عن العالم، وفي جزيرة منقطعة في بحر الحياة، فكان منهم أدباء، وباحثون، ومؤلفون في لغة البلاد، واجتماعيون، يشاركون في الحياة، وكان منهم من كوّن للنشء الإسلامي الجديد المثقف مكتبة كاملة

وقد جرب أن خريجي ندوة العلماء بفضل المطالعة الواسعة والثقافة العالمية وتعرّفهم على العالم الخارجي واتصالهم بأصحاب الخبرات العلمية الخارجية، لا يشعرون بالغربة والمضايقة في أي مجتمع، رغم تمسكهم بالتعاليم الدينية، واعتزازهم بثقافتهم الخاصة، وقد حصل عدد من أبناء ندوة العلماء على شهادات في الدراسات العليا من الجامعات الكبرى في العالم العربي، والجامعات الأوربية، في موضوعات مختلفة، ونالت مؤلفاتهم اعترافًا علميًا وعالميًا، وخاصة في الحديث النبوي الشريف، والفقه الإسلامي، واللغة العربية، والتاريخ، والسير، ويعمل عدد منهم في مراكز علمية داخل الهند وخارجها، من الدول الإسلامية والأوربية، كما يشغلون مناصب علمية كبري في جامعات الهند، وتطول قائمة هؤلاء العلماء

ويتزايد الإقبال إلى ندوة العلماء بمرّ الأيام، وتزداد ثقة الأمة الإسلامية بها، ويتنامى عدد الطلاب من داخل البلاد، كما يقصد إليها للدراسة فيها طلاب من الأقطار الأخري أيضًا مثل الماليزيا، والإندونيسيا، والبورما، والنيجريا، وتائلاند، والتبت، وسري لانكا، وأقطار من قارة أفريقيا، ودرس وتخرَّج عدد من الطلبة العرب كذلك ونالوا شهادات منها